Tuesday, February 05, 2008

عابرون بلا أثر





كنت ولا زلت أحلم بأن أكون شخصا طيفي الأثر .. أريد أن أكون مثل الطيف في حياة الآخرين .. شيء خفيف يمر بسهولة ، دون أن يترك أثرا بالغا ، أو قاسيا ، أو حتى جميلا مبالغا فيه ..أتمنى لو استطعت أن أقوم بدور العصفورالذي يعبر الفضاءات دون ان يترك أثرا فيها .. أخاف من العبور المفخخ .. هناك من يعبر حياتنا عبورا مفخخا ، لاندري ساعة انفجاره ..يعبرنا ، ويترك أثرا في حياتنا لا يمكن لأحد أن يمحوه


يا ترى ما الأثر الذي نتركه حينما نعبر حياة آخرين ، بغض النظر من هم هؤلاء الآخرون ؟


هناك أناس نلتقيهم مرة في حياتنا ، فرصة واحدة فقط تمنحنا إياها الحياة ، لنعبرهم أو ليعبرونا ، مرة واحدة فقط ليترك كل واحد منا أثرا في الآخر ، ويا ترى أي أثر ؟ هؤلاء لا يسمح لهم أو لنا بتكرار الخطأ ..هي مرة واحدة فقط .. وتصرخ الحياة فينا معلنة انتهاء الوقت .. هؤلاء لا يمكننا تعديل أخطاءنا معهم ، ولا يمكنهم أيضا فعل ذلك معنا ، بعض الأحيان تقف في مكان ما ، فتجد إنسانا يدخل ، يملأ المكان بطيبته ، بخفة روحه .. وتشعر بحق أنه ترك فيك أثرا طيبا ، ورائعا ..ربما هذا الإنسان لم يتحدث معك ، ولا حتى مع أي أحد ، ولكن حضوره يكون كافيا لترك أثر جميل .. أو تدخل إلى مكان ما ، وبنظرة عابرة تمر على من هم قبلك في المكان ذاته ، فتكتشف أن أحدهم ينتظرك ، رغم أنك لا تعرفه ، ليترك فيك أثرا طيبا ، بحركته ، بإيماءاته ، بابتسامته ،أو حتى بحديثه مع الآخرين ..
أحيانا يترك فيك أحدهم أثرا يدفعك للسعادة طيلة يومك ، وأحيانا أخرى يترك أيضا أحدهم أثرا فيك ، فيدفعك للإحباط ، أحيانا تأتيك مكالمة هاتفية .. لا تستمر أكثر من دقيقتين ، تشعر أن أثرا جميلا تسلل إلى داخلك ، وأحيانا تمضي مع زميل عمل أو دراسة سنة كاملة ، ولا يترك فيك أي أثر !
عبور طفل بجوارك ..سماعك لشيء جميل ..تفتح زهرة على الرصيف .. قراءتك لكلمة جميلة في كتاب ... كلها تترك أثرا في داخلنا
ولكن أي أثر نتركه نحن ، ونحن نعبر حياة الآخرين ؟؟ أي أثر نتركه حينما ندخل مكانا ، أو نتحدث مع أحدهم ، أو حتى حينما تأتي سيرتـنا على لسان أثـنين يتحدثان .. ؟؟ أي أثر نتركه ونحن نقف عند إشارة المرور، أو حينما نعبر ممرا في جامعة ، أو نقف للتسوق من مكان ما ....
ترك الأثر هو المهمة الأصعب في الحياة ،وخصوصا إذا لم تكن أمامنا فرصة أخرى للتعويض